فوجهت اليه نظرة لوم سريعة وعندما عادت تنظر لجلال وجدته خرج من الغرفة متجها الى سيارته فلحقت به ووقفا امام السيارة وخاطبته معاتبة :
- لماذا لم توقفه عند حده؟
- ماذا....؟ماذا تريدننى أن أقول؟
- قل له تحدث مع............
فقاطعها مقطب الحاجبين :
- صصصصصه !!أنسيتى أن ذلك سر بيننا ؟
فردت باستسلام ووضعت وجهها بين كفيها : - لم أعد أستطيع التحمل أكثر ،متى سنخبرهم بالحقيقة ؟
رد عليها وقد لانت قسمات وجهه وفاض من عينيه الحنان :
- قريبا عزيزتى ،قريبا
- اذا لم ترد البقاء فخذنى معك اننى لا أستطيع البقاء بداخل ذلك الحجارة الذى يسمونه المنزل ،انه ليس المنزل ليس منزلى ان منزلى هو كهف الشلال ،أريد العودة .
- اننى أراك على وشك الانهيار العصبى ،عليك أن تتماسكى قليلا ثم ان المنزل فى حالة يرثى لها ولا أنصحك بالقدوم الآن
فسألته وهى تخشى من سماع الاجابة
- هل حقا أن والدى لم يعمل بوصية جدتى فى المحافظة على المنزل كما هو ؟
فلم يرد عليها ولكنه نظر الى الأرض ،فظهر الحزن الذى خبأته مدة أسبوع كامل واضح على وجهها وقالت :
- ما هو مدى الضرر ؟
فرفع نظره لها محافظا على ذلك الحنان فى عينيه وقال :
- لا تقلقى عزيزتى ؛سيتم اصلاح كل شىء ،ويعود كما كان وأفضل
فتنهدت بألم وتخالطت علامات اليأس مع علامات الحزن فعندما لاحظ ذلك وضع يده على خدها وبادرها قائلا :
-لا..لا..لا أريد أن أرى اليأس فى تلك العيون.....
-ليليان .....تعالى هنا حالا
جاء صوت يوسف غاضبا لما رآه عندما خرج ليعرف ما أخّر ليليان
- أرجوك ،أن تطيعيه ؛فهو يريد صالحك
- حاضر ،واعتنى بنفسك أرجوك
ودخل سيارته الكيا السوداء وودعها بابتسامة لطيفة ،وانطلق . فمشت ببطء تجاه يوسف الذى كان يشيط غضبا وما ان أصبحا وجها لوجه قال لها:
- يجب أن تتصرفى بعلاقنية وتفرقى بين من يجب أن تحدثيه ومن يجب تجاهله .
لم ترد عليه حتى لا تقفد أعصابها بل اكتفت بتوجيه بسمة سخرية وتركته ودخلت ثانية الى الحجرة فأخبرها صالح أن كل شىء سجل
وبامكانهم الذهاب فابتسم طارق واتجه لكل من أدهم وسامى وهنأهما
- ألف مبروك لكما استمتعا على راحتكم ولكننا سنباشر التجديد بالكامب قريبا
كانت تجلس ليليان هادئة تفكر فى طريقة اخبارها للأخويها أنها تريد العودة الى كهف الشلال ولكنه كان الهدوء قبل العاصفة ،وما أن سمعت كلمات طارق حتى التفتت له سريعا وقالت :
- أسنسافر الى كهف الشلال قريبا ؟
فسمعها يوسف الذى كان يدخن سيكارته بجانب النافذة والتفت لها سريعا وقال :
- لن نذهب الى أى مكان بل هما سيذهبان لتجديد الكامب
تضايقت ليليان من تلك النبرة التى يغلب عليها لهجة الأمر على لهجة الاخطار بمعلومة فوجدت أن الفرصة مواتية لتفجير الخبر
- ولكنى أريد العودة الى كهف الشلال لأعيش هناك
فتجهم وجه الجميع حتى طارق وتقدم منها يوسف فاقد الأعصاب ظنا منه أنه سيخيفها ولكنها وقفتفاردة ظهرها ورفعت رأسها بشموخ مقدرة العواقب مغمضة العينين حتى لا ترى شخصية سامر مجسدة فى يوسف وقالت بصوت واهن يفيض منه الحزن
- انك مثله تماما .
ثم فتحت عينيها لتجد أن ذلك الضيق حلّ محله الحزن والألم وكان سيهم بضمها بين ذراعيه ولكنها تركته وذهبت مسرعة تجاه سيارة طارق ،تركته مع الحقيقة المرة التى يراها فى نفسه ويتألم الاعتراف بها ؛أنه مثل والده .
وظلّت بالسيارة مسترخية واضعة رأسها على مخدة مقعدها مغمضة العينين حتى عاد طارق وانطلقا ،لم يتكلم فى البداية وكان يكتفى بتوجيه نظرات متسائلة عما يدور بخلدها حتى قال :
- ليلى...أتعرفين أننا نحبك ؟
لم ترد عليه ولكنها اكتفت بلوى شفتيها بابتسامة سخرية ولكنه تابع
-أعرف أنك تسخرين مما أقوله ولكنها الحقيقة.....لقد كنا نفتقدك كثيرا لقد تغير أبى كثيرا بعد تركك لنا..........
وأخذ يتحدث كثيرا عن أحوالهم بعد هروبها ولكنها لم تسمع نصف ذلك الكلام اذ غاصت فى ذكرياتها منذ أن ذهبت الى المدرسة وكانت فى أوقات زيارات الأهل تذهب الى قاعة الاستقبال بشغف تدور حول المناضد تبحث عن أى أحد تعرفه ،وظلت تمر الأسابيع وليليان يتملكها اليأس حتى فى يوم قررت عدم الذهاب الى قاعة الاستقبال لأنها كالعادة لن تجد أحدا ولكن أصدقاؤها أصروا على ذهابها معهم وما ان دخلت الى القاعة حتى رأت أن أحدا يشير لها فأدارت وجهها تبحث عن من يشير له ذلك الشخص فلم تجد أحدا ولكنها عندما أمعنت النظر وجدت أنه جلال وتجلس بجانبه جدتها "ديلوزات" فانطلقت تجرى تجاههم وفتح جلال ذراعيه فقفزت عليه فالتقطها وضمها بشدة ولكن بحنان شعرت ليليان بذلك الأمان الذى لم تشعر به من قبل وأبعدها ببطء فأخذتها جدتها فى حضنها ثم أبعدتها ونظرت لها نظرة ألم وقالت لها :
- لماذا فعلت ذلك عزيزتى ؟
فأطلقت ليليان زفرة استسلام وقالت:
- هذا موضوع يطول شرحه ولكنى سعيدة لأنكم هنا لا تعرفوا كم كانت خيبة أملى عندما آتى هنا ولا أجد أحد يزورنى
- لا تحاولى تغيير الموضوع فأنت لا تعرفين عواقب ما فعلته
- ان جلال محق .لقد بدأ سامر فى اتخاذ اجراءات ضدك لن تكونى سعيدة لمعرفتها
انفجرت ليليان فى الضحك ثم اخذت تردد عبارات جدتها بضحك :
- اجراءات....ضدى....لوزة ان هذا اختيارى وسأتحمل كل عواقبه ،كما أنه اتخذ الاجراءات اللازمة لم يحتج توصية.
- توقفى عن قول ذلك أيتها الفتاه ...قل شيئا جلال.
- ماذا أقول .؟
فوجهت لوزة له نظرة محذرة أنه يجب أن يؤيدها ؛فأطلق زفرة استسلام وقال :
- لا أستطيع التحدث وسط هذا الحشد من الناس
فنظرت ليليان له بنصف عين وقالت :
- أعرف أنك تتهرب من الاجابة اذ أننى محقة فى كل كلمة ولكنك محق هيا سأريكم المدرسة.
وأخذتهم من أيديهم وانطلقت بهم الى حجرات المدرسة المتعددة وأثناء حديثها عن المدرسين والزملاء والواجبات والنشاطات وعندما جاء الحديث عن الاجازة قطعت الحديث اذ أنها تذكرت فى تلك اللحظة أنه لا يوجد منزل تأوى اليه فى الصيف ولاحظ جلال فسألها :
- وأين ستقضين اجازة الصيف ؟
شعرت بغصة فى حلقها وهى ترد عليه متمالكة نفسها من الحزن :
- سأقضى الصيف هنا فى المدرسة حيث تقيم المدرسة المعسكرات المتعددة........